يجهل الكثيرون خطر المدرسة المركزية التي أخذت الولاية على الأبناء من آبائهم وجعلتهم بعد أن كانوا أعضاء في عائلاتهم، رمالا متفرقة ومتشرذمة لا حول لها ولا قوة ولا خير فيهم بعد أن كانوا عضدا لآبائهم وعائلاتهم.
الطفل الذي ينشيء برعاية الدولة، لا يحصل على ما يحتاجه من الرعاية النفسية ولا يحصل على خبرات الحياة التي تؤهله ليكون رجلا أو عضوا صالحا في مجتعمه عند الرشد وقت البلوغ، ناهيك عن أن يكون عضوا وحجرا قويا في بناء عائلته. الترابط الذي ينشأ بين أفراد العائلة يجعلهم قادرين على العمل وعلى صناعة حاضرهم ومستقبلهم ويجعلهم قوة لا يستهان بها قادرة إذا لزم الأمر على تصويب السلطة المركزية وتقويمها.
الثقة التي توجد بين أفراد العائلة مثلا، تمكنهم من إقامة علاقات تقريبا إختفت من مجتمعاتنا الحديثة. نحتاج إلى توفر الأمانة والثقة في المجتمع، بينما نعيش الآن في مجتمع يسوده الشك والريبة وسوء الظن وغياب الثقة بين أفراده. هذه اللحمة التي تنشأ بين أفراد المجتمع الذي يربي أبناءه بنفسه بعيدا عن المدرسة على القرآن والسنة وسيرة الرسول، تقوي أنسجة المجتمع والروابط العائلية وتحكم قدرات الأفراد على السيطرة على مقدراتهم.
يغفل هؤلاء عن أن المسجد في المجتمع المسلم هو مدرسته، يربى فيها الأبناء على الكتاب والسنة وسيرة الرسول وعلوم اللغة وهذا ما يحتاجه الطفل في بداية نشأته بجانب خبرات حياتية ومهارات مهنية سيكتسبها إن هو صحب أبوه أو جده أو عمه أو خاله أو جاره إلى عمله. الجامعة قد تكون وسيلة لمواكبة العصر وثقل المعرفة، بعد البلوغ والرشد لرجل يستطيع أن يفتح بيتا وينشيء أسرة وينجب أطفالا.
يشتكي البعض الفقر، وهم أغبياء لأن الله وضع فيهم إمكانية الاستثمار في أبنائهم وهم لا يحسنون ذلك. الاستثمار في الأبناء هو الإكثار منهم فلا تنجب ولدين ولا ثلاثة بل عشرة أو عشرين من إمرأة أو إمرأتين تتزوجهن على الكتاب والسنة وأن تقوم بتربية أطفالك أنت بمساعدة العائلة وتقوي صلات الرحم بينهم وبين أهلهم لا أن تعطيهم للدولة لتربيهم هي على الكفر والضلال.
ولكن الأغبياء يلعنون الظروف ويهجرون مصادر قوتهم وينفقون على أبناء تخلوا عنهم وجعلوهم أبناء للدولة هي التي تشكل عقولهم وشخصياتهم، ونحن نرى من تجاوز الثلاثين وهم مايزالون عيالا يحتاجون إلى من يعولهم مع أن الأصل أن البلوغ في سن الخامسة عشر هو الحد الفاصل بين الطفولة والرشد.
نعم، سيشتكي هؤلاء الفقر، ولكن لا تلوموا إلا أنفسكم لأنكم لم تتزوجوا على كتاب الله وسنة نبيه، لأنكم لم تتكاثروا كما حثكم رسول الله، لأنكم لم تكونوا خير رعاة للرعية التي رزقكم الله بها وحملكم أمانتها.
عمر بحر، إستنبول، بين عصر وقصر السادس من جمادي الآخرة للسنة الخامسة وأربعين وأربعمائة بعد الآلف من هجرة خير الآنام لإقام دولة تعلي من كلمة لا إله إلا الله وليكون الدين الذي يدين به كل العباد لله، إن الحكم إلا لله الواحد القهار، يقص الحق وهو خير الفاصلين.