الخلع في الإسلام
الخلع من حق الرجل
الطلاق لغة هو عكس الإمساك والقيد والأسر، فالمرأة المطلقة هي المرأة التي أطلق الرجل سراحها وفك زوجها أسرها، فهي أسيرة عند الزوج لحق الزوج عليها ولا يمكن فك هذا القيد إلا من قبل من يملكه، ألا وهو الزوج.
يقول تعالى:
﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ۗ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ سورة البقرة: 229
لا يخفى على عاقل أن الحديث هنا للرجل وليس للمرأة، فهو الذي يستطيع أن يطلق وينهي عقد النكاح وليس المرأة… فقد قام الله جل جلاله بتحديد مرات الطلاق حتى لا يسيء الرجل للمرأة بأن يطلقها ما شاء ثم يراجعها ما شاء في فترة عدتها دون أن يكون لها من أمرها شيء، فقد حدد الشارع عز وجل حدود سلطة الرجل على زوجته حتى التطليقة الثالثة، فيكون من بعدها أمرها في يدها، وغني عن الذكر أنها قبل ذلك ليس لها من أمرها شيء…
روى عمرو بن الأحوص الجُشَمي، أنه سمع النبي ﷺ في حجة الوداع يقول بعد أن حمد الله تعالى وأثنى عليه وذكَّر ووعظ، ثم قال: ’’ألا واستوصوا بالنساء خيرا، فإنما هن عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع، واضربوهن ضربا غير مبرح، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا؛ ألا إن لكم على نسائكم حقا، ولنسائكم عليكم حقا؛ فحقكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم من تكرهون، ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون؛ ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن.‘‘ أخرجه الترمذي
ومعنى عوان أي أسيرات ليس لها من أمرها شيء…. وكيف لا وقد تحمل الرجل مسؤوليتها وأصبحت عرضه وشرفه ولا يظن بالرجل المسلم صاحب المروءة إلا أن يفدي أهل بيته بحياته من قبل أن يمسهن سوء…
عن مُعَاويَةَ بنِ حَيْدةَ قَالَ: قلتُ: يَا رَسُول اللَّه، مَا حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدنَا عَلَيْهِ؟ قَالَ: ’’أَن تُطْعمَها إِذَا طَعِمْتَ، وتَكْسُوهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ، وَلا تَضْربِ الْوَجْهَ، وَلا تُقَبِّحْ، وَلا تَهْجُرْ إِلا في الْبَيْتِ‘‘ حديثٌ حسنٌ، رواه أَبو داود.
وعن أبي هريرةَ قَالَ: قالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: ’’أَكْمَلُ المُؤْمنين إِيمَانًا أَحْسنُهُمْ خُلُقًا، وَخِياركُمْ خيارُكم لِنِسَائِهِم‘‘ رواه التِّرمذي وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
ولم تأتي هذه الآية لتعطي للمرأة سلطة ليست لها، فالخطاب للرجل وليس للمرأة، (لكم، تأخذوا…) ثم جاء بصيغة المثنى أي الرجل والمرأة حين يكون هناك إتفاق على الطلاق، (يخافا، يقيما، فلا جناح عليهما) ولا يخفى على كل ذي لب أن صيغة المثنى تشترط رضا الطرفين واتفاقهما، أي الزوج والزوجة، وهنا لم يعطي الشارع من فوق سبع سماوات للمرأة أمرها بيدها ولكن أجاز للرجل أن يأخذ من مالها ما يعوضه عن الضرر اللاحق به بسبب الطلاق، فهي هنا تفتدي نفسها ولا يخفى على كل ذي عقل أنه لا قيمة للفدية إن لم ترضى بها نفس الطرف الذي يلحق به الضرر، فالأصل حرمة مال المرأة إلا في حالة إن جاء هذا المال على شكل فدية للرجل الذي لحق به ضرر بسبب الطلاق، وقد جاء في تفسير ابن كثير رحمه الله:
فأما إذا لم يكن لها عذر وسألت الافتداء منه، فقد قال ابن جرير: حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الوهاب وحدثني يعقوب بن إبراهيم، حدثنا ابن علية قالا جميعا: حدثنا أيوب، عن أبي قلابة، عمن حدثه، عن ثوبان، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ’’أيما امرأة سألت زوجها طلاقها من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة،‘‘ وهكذا رواه الترمذي.
وقد جاء أيضا في تفسير ابن كثير، رحمه الله، في هذه الآية:
وذهب الشافعي، رحمه الله، إلى أنه يجوز الخلع في حالة الشقاق، وعند الاتفاق بطريق الأولى والأحرى، وهذا قول جميع أصحابه قاطبة.
كما جاء في تفسير ابن كثير، رحمه الله:
قال الإمام مالك في موطئه: عن يحيى بن سعيد، عن عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة، أنها أخبرته عن حبيبة بنت سهل الأنصارية، أنها كانت تحت ثابت بن قيس بن شماس، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى الصبح فوجد حبيبة بنت سهل عند بابه في الغلس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ’’من هذه ؟‘‘ قالت: أنا حبيبة بنت سهل . فقال : ’’ما شأنك ؟‘‘ فقالت: لا أنا ولا ثابت بن قيس لزوجها فلما جاء زوجها ثابت بن قيس قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ’’هذه حبيبة بنت سهل قد ذكرت ما شاء الله أن تذكر.‘‘ فقالت حبيبة: يا رسول الله، كل ما أعطاني عندي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ’’خذ منها.‘‘ فأخذ منها وجلست في أهلها. وهكذا رواه الإمام أحمد ، عن عبد الرحمن بن مهدي، عن مالك بإسناده مثله. ورواه أبو داود، عن القعنبي، عن مالك. والنسائي، عن محمد بن مسلمة، عن ابن القاسم، عن مالك به. حديث آخر: عن عائشة: قال أبو داود وابن جرير: حدثنا محمد بن معمر، حدثنا أبو عامر، حدثنا أبو عمرو السدوسي، عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة، عن عائشة، أن حبيبة بنت سهل كانت تحت ثابت بن قيس بن شماس، فضربها فكسر نغضها فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الصبح فاشتكته إليه، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثابتا فقال: ’’خذ بعض مالها وفارقها.‘‘ قال : ويصلح ذلك يا رسول الله؟ قال: ’’نعم‘‘ قال: فإني أصدقتها حديقتين، فهما بيدها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ’’خذهما وفارقها.‘‘ ففعل. وهذا لفظ ابن جرير. وأبو عمرو السدوسي هو سعيد بن سلمة بن أبي الحسام. حديث آخر فيه: عن ابن عباس رضي الله عنه: قال البخاري: حدثنا أزهر بن جميل، أخبرنا عبد الوهاب الثقفي، حدثنا خالد، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن امرأة ثابت بن قيس بن شماس أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكن أكره الكفر في الإسلام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ’’أتردين عليه حديقته ؟‘‘ قالت: نعم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ’’اقبل الحديقة وطلقها تطليقة.‘‘ وكذا رواه النسائي، عن أزهر بن جميل بإسناده، مثله. ورواه البخاري أيضا، عن إسحاق الواسطي، عن خالد هو ابن عبد الله الطحان، عن خالد، هو ابن مهران الحذاء، عن عكرمة به، نحوه. وهكذا رواه البخاري أيضا من طرق، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس، به. وفي بعضها أنها قالت: لا أطيقه، تعني: بغضا. وهذا الحديث من أفراد البخاري من هذا الوجه. ثم قال: حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن عكرمة، أن جميلة رضي الله عنها. كذا قال، والمشهور أن اسمها حبيبة [ كما تقدم ]. قال الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسيره: حدثنا موسى بن هارون، حدثنا أزهر بن مروان الرقاشي، حدثنا عبد الأعلى، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن جميلة بنت سلول أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: والله ما أعتب على ثابت بن قيس بن شماس في دين ولا خلق، ولكنني أكره الكفر بعد الإسلام، لا أطيقه بغضا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ’’تردين عليه حديقته ؟‘‘ قالت: نعم، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأخذ منها حديقته ولا يزداد. وهكذا رواه ابن ماجه عن أزهر بن مروان، بإسناده مثله سواء، وهو إسناد جيد مستقيم. ورواه أيضا أبو القاسم البغوي، عن عبيد الله القواريري، عن عبد الأعلى، مثله، لكن قال ابن جرير: حدثنا ابن حميد، حدثنا يحيى بن واضح، حدثنا الحسين بن واقد، عن ثابت، عن عبد الله بن رباح عن جميلة بنت أبي ابن سلول: أنها كانت تحت ثابت بن قيس، فنشزت عليه، فأرسل إليها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ’’يا جميلة، ما كرهت من ثابت ؟‘‘ قالت: والله ما كرهت منه دينا ولا خلقا، إلا أني كرهت دمامته! فقال لها: ’’أتردين الحديقة ؟‘‘ قالت: نعم. فردت الحديقة، وفرق بينهما. قال ابن جرير أيضا: حدثنا محمد بن عبد الأعلى، حدثنا المعتمر بن سليمان قال: قرأت على فضيل، عن أبي جرير أنه سأل عكرمة: هل كان للخلع أصل؟ قال: كان ابن عباس يقول: إن أول خلع كان في الإسلام في أخت عبد الله بن أبي، أنها أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، لا يجمع رأسي ورأسه شيء أبدا، إني رفعت جانب الخباء، فرأيته أقبل في عدة، فإذا هو أشدهم سوادا، وأقصرهم قامة وأقبحهم وجها. قال زوجها: يا رسول الله، إني قد أعطيتها أفضل مالي، حديقة لي، فإن ردت علي حديقتي؟ قال: ’’ما تقولين؟‘‘ قالت: نعم، وإن شاء زدته. قال: ففرق بينهما. حديث آخر: قال ابن ماجه: حدثنا أبو كريب، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن حجاج، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: كانت حبيبة بنت سهل تحت ثابت بن قيس بن شماس، وكان رجلا دميما، فقالت: يا رسول الله، والله لولا مخافة الله إذا دخل علي بصقت في وجهه! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ’’أتردين عليه حديقته؟‘‘ قالت: نعم. فردت عليه حديقته. قال ففرق بينهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنتهى.
وفي ذلك عدة مسائل:
– أولها، الإختلاف الفج بين الروايات يكاد يبطلها.. ففي رواية نرى المرأة تقول: ’’والله ما أعتب على ثابت بن قيس بن شماس في دين ولا خلق.‘‘
أين موقع حديث الرسول صلى الله عليه وسلم هنا، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ’’إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ‘‘ رواه الترمذي (1084) ، وابن ماجة (1967) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي.
– لماذا لم يذكرها هنا رسول الله صلوات الله عليه وسلم بأن تحفظ النعمة التي أنعم الله عليها بها بأن رزقها برجل ذي دين وخلق مثل ثابت بن قيس بن شماس؟ لماذا لم يذكرها الرسول صلوات الله عليه وسلم بأنها ظفرت برجل ذي دين وعليها أن تحمد الله على ذلك، وهو القائل، ’’إظفر بذات الدين تربت يداك.‘‘ أليس الخطاب في مثل هذه الحالات عام للرجل والمرأة؟
ألم يقل الله جل جلاله:
﴿ وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ ۚ وَلَأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ۗ وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُوا ۚ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ ۗ أُولَٰئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ۖ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ ۖ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ سورة البقرة: 221
﴿ …وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ سورة البقرة: 216
– ولقد أمرنا الله تعالى بالتعاون على البر والتقوى، فلما لم يأمرها الرسول صلى الله عليه وسلم بأن تجاهد نفسها وتصبر وتحتسب أجرها عند ربها حتى تكون عونا لهذا الرجل الصالح، الذي بشره الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة، وسوف آتي على ذكر خصال ثابت بن قيس بن شماس الحميدة لاحقا. ولا ننسى أن الرجل يجاهد ويقاتل هو أيضا من أجل الحفاظ على أسرته، عن سعيد بن زيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ’’من قُتِلَ دُون مَالِهِ فهو شَهيدٌ، ومن قُتِلَ دُون أهْلِهِ، أو دُونَ دَمِهِ، أو دُون دِيْنِهِ فهو شَهيدٌ.‘‘ صحيح - رواه أبوداود والترمذي والنسائي وأحمد
وفي سعي الرجل أيضا من أجل الرزق وتوفير الحياة الكريمة لأهله جهاد.
ولقد أمر الله تعالى الرجال بقوله:
﴿ …وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ سورة النساء: 19
ولا شك أن مثل هذه الأحكام تشمل الرجل والمرأة، فالله تعالى هو القائل:
﴿ …وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ سورة البقرة: 228
– لا يسع أي مسلم يعرف ولو القدر اليسير من دينه وقد أنعم الله عليه ولو بقدر ضئيل من البصيرة أن يتعجب لغياب كل هذه المعاني عن الواقعة، ناهيك عن سرعة فصل الرسول في المسألة وهي ما هي على جلالتها، فالأمر فيه تفكيك أسرة خصوصا وأن المرأة المذكورة كانت حاملا. بل إن الفطرة السليمة لترفض سرعة الفصل في مسألة الطلاق على عظمها كما نرى ذلك في كل القوانين والشرائع، حتى أننا نرى من القوانين والشرائع ما يحرم الطلاق. سأل الفريسيون (وهم الذين ابتعدوا واعتزلوا الخاطئين حفاظا على الشرع) المسيح ذات يوم ما إذا كان طلاق الرجل لزوجته يتفق والشريعة. وأجابهم المسيح: كلا، ’’أَمَا قَرَأْتُمْ أَنَّ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْبَدْءِ خَلَقَهُمَا ذَكَراً وَأُنْثَى؟ وَقَالَ: مِنْ أَجْلِ هَذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ وَيَكُونُ الاِثْنَانِ جَسَداً وَاحِداً. إِذاً لَيْسَا بَعْدُ اثْنَيْنِ بَلْ جَسَدٌ وَاحِدٌ. فَالَّذِي جَمَعَهُ اللَّهُ لاَ يُفَرِّقُهُ إِنْسَانٌ،‘‘ (متى 19: 4-6؛ أيضاً تكوين 1: 27؛ 2: 24).
وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ’’إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة. يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا. فيقول: ما صنعت شيئا. قال: ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته. قال: فيدنيه منه، ويقول: نعم أنت،‘‘ رواه مسلم.
– هناك خلافات كثيرة أخرى في الرواية حتى أنها لم تتفق على إسم المرأة، كما أننا نرى في إحدى الروايات أن ثابت بن قيس بن شماس قد كسر نغض زوجته… فهل من حق الزوج أن يضرب زوجته حتى يكسر عظم كتفها؟ فالرواية هنا تذكر ذلك بشكل عارض وكأن الموضوع ليس ذا قيمة… أين الحديث عن الطلاق للضرر؟
الروايات تصور ميثاق الزواج الذي وصفه الله تعالى بالميثاق الغليظ، أنه ليس أكثر من ثمن مادي يدفعه الرجل نظير تملكه للمرأة، فإن هي ردت ذلك الثمن إنتهى عقد بيع المرأة للرجل… ولا شك أن كل ذي عقل سيرفض هذا، هناك دليل على ذلك من القرآن في قوله تعالى:
﴿ وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ ۚ وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۚ وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ سورة البقرة: 237
فلقد وصف الله جل جلاله هنا الرجل بأنه الذي بيده عقدة النكاح والسياق هنا سياق تنازل عن المهر من أحد الأطراف للطرف الأخر ولو كانت المسألة مسألت ثمن لسلعة، لكان فسخ العقد جائزا بأن ترجع المرأة هنا المهر للرجل، ولكننا لا نرى ذلك مطلقا في سياق الآية، فالرجل هنا هو من يملك عقدة النكاح سواء تنازلت المرأة عن المهر كله أو أخذت شطره أو أخذته كله… فعقدة النكاح في يد الزوج.
ولو أراد أي جاهل أن يشكك في أن من بيده عقدة النكاح هو الزوج لقلنا إن الله يوجه خطابه هنا للطرفين، طرف ممثل بالمرأة ’’يعفون‘‘ وطرف ممثل بالزوج ’’يعفو الذي بيده عقدة النكاح‘‘ فلا يمكن للحديث هنا أن يكون المقصود به طرف واحد دون الطرف الأخر… والخطاب في مطلعه موجه للزوج، ’’وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن‘‘... وهناك دليل أخر على أن الذي بيده عقدة النكاح ليس ولي المرأة لأن ولي المرأة حتى ورغم كونه وليها ليس له سلطة التصرف ولو في أقل القليل من مالها دون رضاها وشطر المهر هنا من مالها ومستحقاتها، وهي وحدها من تملك سلطة التصرف فيه.
وفي سياق أخر يقول تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا ۖ وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ سورة النساء: 19
فالله الذي يعلم سرايا النفوس هنا يحرم على الرجل أن يسيء معاملته بالمرأة حتى يحصل منها على مال من أجل أن تفتدي نفسها، ولكن في الآية الأخرى يقر بأنه لا جناح عليهما فيما أفتدت به، إن جاءت الرغبة في الفراق من طرفها هي…
وللرواية توابع، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْغِطْرِيفِيُّ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ مُكْرَمٍ الْبَزَّازُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، ثنا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، ثنا أَبُو ثَابِتٍ، مِنْ وَلَدِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ أَبَاهُ فَارَقَ جَمِيلَةَ بِنْتَ أُبَيٍّ، وَهِيَ نَسُوءٌ بِمُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ، فَلَمَّا وَضَعَتْ حَلَفَتْ أَنْ لَا تُلْبِنَهُ، فَجَاءَ بِهِ ثَابِتٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خِرْقَةٍ فَأَخْبَرَهُ بِالْقَصَّةِ فَقَالَ: ’’ادْنُهُ مِنِّي‘‘ ، فَأَدْنَيْتُهُ مِنْهُ، فَبَزَقَ فِي فِيهِ، وَقَالَ: ’’اذْهَبْ بِهِ فَإِنَّ اللهَ رَازِقُهُ‘‘ فَاخْتَلَفْتُ بِهِ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ وَالثَّانِي، فَلَقِيَتْنِي امْرَأَةٌ مِنَ الْعَرَبِ تَسْأَلُ عَنْ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، قُلْتُ: وَمَا تُرِيدِينَ مِنْهُ؟ أَنَا ثَابِتٌ، فَقَالَتْ: رَأَيْتُنِي فِي لَيْلَتِي هَذِهِ كَأَنِّي أُرْضِعُ ابْنًا يُقَالُ لَهُ: مُحَمَّدٌ، قَالَ: فَأَنَا ثَابِتٌ وَهَذَا ابْنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: فَأَخَذَتْهُ، وَإِنَّ ضَرْعَهَا لَيُعْصَرُ مِنَ لَبَنِهَا مِنْ ثَدْيَيْهَا، إنتهت.
أي النساء تلك التي تطلب الخلع من زوجها وهي حامل في إبنه؟ أي النساء تلك التي ترفض إرضاع إبنها؟ أم كان ذلك لأنها جاءت من بيت رأس النفاق عبد الله بن أبي بن سلول. كما أن القول بدمامة ثابت بن قيس فيه ريبة وأي ريبة، فثابت لم يكن محجوبا عنها قبل الزواج فقد رأته ولا شك أنها قبلته بهيئته.
ولا يسع الباحث هنا إلا أن يتعجب ويشك في صدق من يقول بأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمرها أن تعتد حيضة واحدة وهي نسوء، والواقعة تتطلب الصلح حتى تمنح تلك الأسرة فرصة أخرى فلا يحرم ذلك المولود القادم من أن يعيش في كنف أبويه.
يصاب المحقق في تلك الرواية بالذهول عندما يقرأ ترجمة ثابت بن قيس بن شماس، فهو خطيب مفوه، ولا يخفى أن الخطباء لهم حضور وجاذبية وسحر على من حولهم:
فثابت بن قيس هو خطيب الأنصار، وكلته الأنصار حتى يكون خطيبهم عند الرسول صلى الله عليه وسلم، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: خَطَبَ ثابت بن قيس مقدم رسول صلى الله عليه وسلم المدينة، فقال: ’’نمنعك مما نمنع منه أنفسنا وأولادنا، فما لنا؟‘‘
قال صلى الله عليه وسلم: ’’الجنة‘‘. قالوا: رضينا.
وعن مالك وغيره: عن ابن شهاب، عن إسماعيل بن محمد بن ثابت بن قيس أن ثابت بن قيس قال: يا رسول الله، إني أخشى أن أكون قد هلكت، ينهانا الله أن نحب أن نحمد بما لا نفعل، وأجدني أحب الحمد. وينهانا الله عن الخيلاء، [ ص: 310 ] وإني امرؤ أحب الجمال، وينهانا الله أن نرفع أصواتنا فوق صوتك، وأنا رجل رفيع الصوت، فقال: ’’يا ثابت، أما ترضى أن تعيش حميدا، وتقتل شهيدا، وتدخل الجنة؟‘‘
وقد مدحه الرسول صلى الله عليه وسلم وأيما مدح، روى الترمذي بإسناد على شرط مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ’’نِعْمَ الرجل ثابت بن قيس بن شمَّاس.‘‘
وعن الزهري: أن وفد تميم قدموا، وافتخر خطيبهم بأمور، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لثابت بن قيس: ’’قم فأجب خطيبهم.‘‘ فقام، فحمد الله وأبلغ ، وسر رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون بمقامه.
كما أننا حين نقرأ ترجمة ثابت بن قيس بن شماس وترجمة جميلة بنت عبد الله بن أبي بن سلول نعلم أنه استشهد في معركة اليمامة في قتاله لأتباع مسيلمة الكذاب بعد أن أبلى بلاءا حسنا وكانت جميلة بنت عبد الله بن أبي بن سلول تحته، أي أنها كانت أرملته، مما ينفي واقعة خلع ثابت بن قيس بن شماس لجميلة بنت أبي بن سلول بالكلية.
لا شك عندي أن من ينادي ببناء أحكام شرعية على رواية واهية تتضارب مع بقية أطرافها ويحملها تأويلات تخالف نصوص قرآنية (فنحن لا نرى في الرواية إجبار الزوج على فراق زوجته بينما نرى كل الروايات جاءت لتأكد رضى الزوج وقبوله للفراق)، لا شك أن هذا المنادي مضلل يشتري بكتاب الله وأحكامه عرض زائل من الدنيا.
ولا يمكن لكائن من كان أن يقر زواج إمرأة أكره وليها على تزويجها من رجل ما، فالرجل هنا يكون مغتصب ومحارب لله ورسوله وللمسلمين، يقول الواحد القهار من فوق سبع سماوات:
﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ سورة المائدة: 33
وهذا هو ما يفعله المستعمرون عندما يدخلون القرى والأمصار، إظاهر الفساد وإذلال العباد، فهم حينا يجبرون أهل الأرض أن يزوجوهم بناتهم عنوة وقهرا وما ذلك الماضي ببعيد عندما فعل ذلك الفرنسيين في بنات المسلمين، وتارة أخرى رأينا الجنود الأمريكان في العراق وأفغانسان تقضي وقت فراغها بالإغارة على بيوت المسلمين ويغتصبون البنات أمام أبائهم وذويهم وتم تسريب بعض المقاطع المصورة لإنتهاك حرمة بيوت المسلمين في أفغانستان والعراق بسم الحرية حيث كان الأمريكان يتفاخرون ويتباهون بما يفعلون ويرسلون تلك المقاطع المصورة لأصدقائهم… ورأينا ذلك أيضا يتم لنساء وبنات المسلمين في البسنة والهرسك.
الزواج في الإسلام له أركان وضوابط وقيود وشروط ولا يكون هناك زواج بدون ولي وضد إرادة المرأة المدخول بها، يقول تعالى:
﴿ وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ ۚ وَلَأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ۗ وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُوا ۚ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ ۗ أُولَٰئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ۖ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ ۖ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ البقرة: 221
’’وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ‘‘ الخطاب موجه للرجال الراغبين في الزواج، أما في ’’وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُوا‘‘ الخطاب موجه لأولياء النساء الراغبات في الزواج، مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم، روي عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ’’أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها، فإن تشاجرا فالسلطان ولي من لا ولي له.‘‘ (أخرجه أبوداود 2-568، والترمذي 3-407 )، وقوله صلى الله عليه وسلم: ’’لا تُنكِح المرأةُ المرأة ولا تُنكِح المرأةُ نفسها.‘‘ (أخرجه ابن ماجه 1-606 )
وفي كتاب الله إشارات عظيمة جداً إلى لزوم وجود الولي، منها: قول الله جل وعلا: {فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ} [البقرة:232] أي: الأولياء {أَنْ يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة:232] يعني: إذا تراضوا بينهم، فلا بد من أن ترجعوهن.
فقوله: ((فَلا تَعْضُلُوهُنَّ))، خطاباً لولي الأمر، فهو إشعار وإشارة إلى أن ولي الأمر هو الذي يتحكم في إنكاح البنت، فهذه إشارة من الكتاب، وتصريح من السنة.
فإذاً: وجود الولي، شرط من شروط صحة العقد، فإذا انتفى الشرط، انتفى المشروط.
وأيضاً: قال النبي صلى الله عليه وسلم: كما في السنن وهو مختلف في إسناده، والراجح الصحة: (لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل).
والمنطق يقر بنفس الحكم على من طلق إمرأة من زوجها بغير رضاه… حيث إنه يعتدي على حقه في أجل صورة يتجلى بها الحق، فلا حق أعظم لرجل أكبر من الحفاظ على زوجته، التي دونها تهون حرمة دمه وماله، بل إن حرمة زوجته هي أكبر من حرمة إبنته وأخته وأمه وباقي محارمه..
أما بخصوص قوله تعالى فيما أفتدت به، فقد جاء في تفسير إبن كثير رحمه الله: هل يجوز للرجل أن يفاديها بأكثر مما أعطاها؟ فذهب الجمهور إلى جواز ذلك، لعموم قوله تعالى: ( فلا جناح عليهما فيما افتدت به) وقال ابن جرير: حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا ابن علية، أخبرنا أيوب، عن كثير مولى سمرة: أن عمر أتي بامرأة ناشز، فأمر بها إلى بيت كثير الزبل، ثم دعا بها فقال: كيف وجدت؟ فقالت: ما وجدت راحة منذ كنت عنده إلا هذه الليلة التي حبستني. فقال لزوجها: اخلعها ولو من قرطها ورواه عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن كثير مولى سمرة، فذكر مثله، وزاد: فحبسها فيه ثلاثة أيام. قال سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن حميد بن عبد الرحمن: أن امرأة أتت عمر بن الخطاب ، فشكت زوجها، فأباتها في بيت الزبل. فلما أصبحت قال لها: كيف وجدت مكانك؟ قالت: ما كنت عنده ليلة أقر لعيني من هذه الليلة. فقال: خذ ولو عقاصها. وقال البخاري: وأجاز عثمان الخلع دون عقاص رأسها. وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن عبد الله بن محمد بن عقيل: أن الربيع بنت معوذ بن عفراء حدثته قالت: كان لي زوج يقل علي الخير إذا حضرني، ويحرمني إذا غاب عني. قالت: فكانت مني زلة يوما، فقلت له: أختلع منك بكل شيء أملكه؟ قال: نعم. قالت: ففعلت. قالت فخاصم عمي معاذ بن عفراء إلى عثمان بن عفان ، فأجاز الخلع، وأمره أن يأخذ عقاص رأسي فما دونه، أو قالت: ما دون عقاص الرأس. ومعنى هذا: أنه يجوز أن يأخذ منها كل ما بيدها من قليل وكثير، ولا يترك لها سوى عقاص شعرها. وبه يقول ابن عمر، وابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وإبراهيم النخعي، وقبيصة بن ذؤيب، والحسن بن صالح، وعثمان البتي. وهذا مذهب مالك، والليث، والشافعي، وأبي ثور، واختاره ابن جرير، إنتهى.
﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّوا السَّبِيلَ﴾ سورة النساء: 44
ويبقى أن الفطرة السليمة لا يمكن أن تقبل بالظلم والفحشاء والمنكر، فتمكين المرأة المسلمة من خلع نفسها من زوجها المسلم دون رضاه ودون أن يصدر منه ما يسقط عنه دينه أو أهليته أو دون ظلم بين واقع عليها، إن في ذلك فحش كبير وأيما فحش، يقول تعالى:
﴿ وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا ۗ قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ ۖ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ سورة الأعراف: 28
ولنتأمل هنا وجود شراكة بين طرفين، يكون مطالب من أحد الأطراف أن يتحمل كل أعبائها حتى قبل أن تبدأ، والطرف الثاني ليس أكثر من كونه ملحق بالطرف الأول. طرف يأتي بالمصنع وتكاليفه ويضع فيه ثمرة كده وتعبه لسنوات طويلة بذلت من حياته من أجل هذا المشروع والطرف الثاني ألحق به دون أي بذل أو عناء أو تضحية. في نموذج الشراكة هذا تأتي القوانين النجسة فتضع العراقيل والموانع في وجه الطرف الأول حتى لا يستطيع أن يفض الشراكة، أعباء مادية ونفسية وتجريد من كل شيء بالإضافة إلى التهديد بالسجن أو السجن فعلا، بينما الطرف الأخر من حقه أن يخرج من تلك الشراكة متى شاء وقتما شاء دون أي غرامات أو عواقب أو تبعات اللهم إلا أنه يتنازل عن نصيبه في تلك الشراكة (إرجاع المهر).
لقد أنكر القرآن على أصحاب الفطرة الفاسدة إتباع الضلال:
﴿ وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ﴾ البقرة: 78
فالله أخبر أن من أهل الكتاب من لا دراية له بالقراءة والكتابة وعليه فهو لا يستطيع أن يدرك ما أحل الله وما حرم عن طريق قراءة الكتاب، لكنها الفطرة، فالفطرة السوية تهتدي إلى الحق وأهله وتتبعهم، والفطرة النجسة تتمنى ما ليس لها وتحب الباطل فهي تحصل به على ما ليس هو بحق لها وتظن وتحلم بالفساد وتكره الحق.
ونحن نرى ذلك جليا في مثالنا هذا، فهاهي المرأة تريد أن تكون صاحبة حقوق فقط، ولكنها لا تقوى على تحمل أي شيء من أعباء الرجل. وبينما فطرتها مهيئة لتكون زوجة وربة بيت وأما، نراها تخرج وتكشف مفاتنها وتستحل تلك الأموال التي تحصل عليها في مخالفات أخلاقية وشرعية. والله يقول:
﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ ۖ وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ الأحزاب: 33
وأضيف أن الأصل أن تعمل أسر الزوجين والمحيطين والمجتمع على إزالة أسباب الشقاق، ويبدأ ذلك بالتربية الصحيحة على الكتاب والسنة، يقول تعالى:
﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ الحجرات: 10
ومن ذا الذي يمكنه أن يسلب من الرجل قوامته على أهل بيته تلك القوامة التي منحها الله له، يقول تعالى: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا﴾ النساء: 34
إن قوانين الخلع التي تجعل منه سلطة للمرأة على زوجها، تهين الرجل وتسلب منه قوامته على أهل بيته… وهو إن هو إختار التفاوض من أجل أن يخلع هو زوجته بكامل إرادته فله ذلك، لكن دون أن يسلب حقه في التفاوض حتى لا ينهار ذلك البناء الذي شيده ويضيع الأولاد ويكسر هو معنويا وماديا وحتى لا تضيع كرامته، وحتى لا تصبح الأسرة كيانا يبنيه الرجل ويستثمر فيه، ويكون مع الزوجة السلاح الذي إن شاءت هدمت به هذا الكيان وقتما شاءت…
بقي أن نتكلم هنا عن التفاوض من أجل العبور بالأسرة إلى مرحلة ما بعد فراق الزوج والزوجة
﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ۗ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ البقرة: 257
﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَىٰ كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُم مُّعْرِضُونَ﴾ آل عمران: 23
﴿إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ ۚ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ ۚ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا ۚ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ المائدة: 44
﴿لَّا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً ۗ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ۗ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾ آل عمران: 28
ولا شك أن ما استحدث من قوانين في بلاد كانت تحكم بشرع الله في السابق ليس إلا اتباعا للكافرين وسعيا لإرضائهم وخضوعا لإرادتهم من أجل إفساد المجتمعات المسلمة.
﴿إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ آل عمران: 175
﴿الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ ۖ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا﴾ النساء: 76
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۚ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُّبِينًا﴾ النساء: 144
﴿وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَٰكِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ المائدة: 81
﴿اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ﴾ الأعراف: 3
﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ۗ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ البقرة: 257
﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ﴾ محمد: 9
﴿إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ﴾ محمد: 12
﴿كَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُم بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُم بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا ۚ أُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ التوبة: 69
﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ ۖ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا﴾ الطلاق: 1
﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ ۚ وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ۚ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۖ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ ۖ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ﴾ الطلاق: 6
لقد أقر الشارع حقوقا للمرأة المطلقة مثل أن لا تخرج من بيتها، أي بيت الزوجية وأعطاها فرصة استرضاء الرجل ثلاثة قروء (وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا) ونحن نرى في الخلع عندما يتم بدون إرادة الرجل إهدارا لحقوق الرجل ونقصا لها أيما نقص وكأنه زائدة لا قيمة لها في هذا الكيان الأسري الذي هو عماده.
واضح أن حقوق المرأة في السكن والنفقة تنتهي بانتهاء عدتها، وإن كانت حاملا فهي تنتهي بوضعها، وبعد ذلك يكون الأمر بالاتفاق والتراضي: (فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۖ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ ۖ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ) وفي حال التعاسر والخلاف وعدم الاتفاق، فالولد لأبيه وهو الذي يتولى حضانته والبحث عن من ترضعه غير الأم، وفي ذلك مدعاة لكلا الطرفين أن يتسامحا حتى تتمكن الأم من إرضاع ورعاية طفلها وحتى يطمئن الرجل أن إبنه في أيدي أمينة، فلا شك أن بحثه عن أخرى لترعى ولده فيه مشقة له.
وقد أقر القرآن حقيقة قوامة الرجل على المرأة وقوامته على أسرته وهذه القوامة لا تسقط بالطلاق، فإن كانت علاقته الزوجية بالمرأة قد إنتهت، فلازالت للرجل القوامة على أبنائه وعلى من يرعى أبنائه، ولا معنى لسقوط هذا الحق:
﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34)﴾ سورة النساء
والله ولي التوفيق، اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه واهدنا سواء السبيل,