لا تفعل الخير
وكأن هؤلاء ما بعث فيهم رسول ولا قرأوا قرآنا ولا درسوا حديثا. والله تعالى يقول:
﴿المُنافِقونَ وَالمُنافِقاتُ بَعضُهُم مِن بَعضٍ يَأمُرونَ بِالمُنكَرِ وَيَنهَونَ عَنِ المَعروفِ وَيَقبِضونَ أَيدِيَهُم نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُم إِنَّ المُنافِقينَ هُمُ الفاسِقونَ﴾ [التوبة: ٦٧]
ما أعظم البلوى حين يقول هؤلاء لفاعل الخير، لا تفعل أو أن هناك ما هو أولى من هذا الخير وإنك تهتم بما لا طائل من ورائه مع أن الميزان الذي يجب أن نزن به الأمور هو هل العمل خير معروف أم شر منكر.
يقول تعالى:
﴿كُنتُم خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَت لِلنّاسِ تَأمُرونَ بِالمَعروفِ وَتَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَتُؤمِنونَ بِاللَّهِ وَلَو آمَنَ أَهلُ الكِتابِ لَكانَ خَيرًا لَهُم مِنهُمُ المُؤمِنونَ وَأَكثَرُهُمُ الفاسِقونَ﴾ [آل عمران: ١١٠]
والبعض كأنه لم يسمع قوله صلى الله عليه وسلم: (فسقى الكلبَ فشكَر اللهُ له فغفَر له). وقوله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (في كلِّ ذاتِ كبدٍ رطبةٍ أجرٌ).
ومنهم من لم يسمع حديث عدي بن حاتم قال: سمعت النبي ﷺ يقول: (فاتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة).
والمقصود بهذا أن الإنسان لا يتوانى من عمل الخير وإن قلّ، ولا يتقالّ ذلك ولا يحقره، وإنما ينبغي أن يحرص عليه بكل وجه مستطاع.
نصوص الأحاديث المستشهد بها:
( بينما رجُلٌ يمشي بطريقٍ اشتَدَّ عليه العطشُ فوجَد بئرًا فنزَل فيها فشرِب ثمَّ خرَج فإذا كلبٌ يلهَثُ يأكُلُ الثَّرى مِن العطشِ فقال الرَّجلُ: لقد بلَغ هذا الكلبَ مِن العطشِ مِثلُ الَّذي بلَغ بي فنزَل البئرَ فملأ خُفَّه ماءً ثمَّ أمسَكه بفيه حتَّى رقِي فسقى الكلبَ فشكَر اللهُ له فغفَر له) فقالوا: يا رسولَ اللهِ إنَّ لنا في البهائمِ لَأجرًا؟ فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (في كلِّ ذاتِ كبدٍ رطبةٍ أجرٌ)
الراوي : أبو هريرة | المحدث : ابن حبان | المصدر : صحيح ابن حبان | الصفحة أو الرقم : 544 | خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه
حديث عدي بن حاتم قال: سمعت النبي ﷺ يقول: اتقوا النار ولو بشق تمرة، وهذا الحديث أخرجه الشيخان البخاري ومسلم، وفي رواية لهما عنه قال: قال رسول الله ﷺ: ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة، رواه البخاري
وعن عائشة أنها قالت: جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها، فأطعمتها ثلاث تمرات، فأعطت كل واحدة منهما تمرة، ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها، فستطعمتها ابنتاها، فشقت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما، فأعجبني شأنها، فذكرت الذي صنعت لرسول الله ﷺ، فقال: إن الله قد أوجب لها بها الجنة، أو أعتقها بها من النار.
عمر بحر، إستنبول، بين رواح وعصر الثالث من جماد الثاني للخامس وأربعين وأربعمائة بعد الألف من هجرة الرسول لإقامة دولة تعلي من كلمة لا إله إلا الله وتقاتل من أجل أن يكون الحكم لله في كل الأرض، وليعلم الجاهلون أنه ليس بعد الكفر جرم.